أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عند بعض نسائه ، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين مع خادم بقصعة فيها طعام ، فضربت بيدها فكسرت القصعة ، فضمها وجعل فيها الطعام ، وقال : ( كلوا ) . وحبس الرسول والقصعة حتى فرغوا ، فدفع القصعة الصحيحة وحبس المكسورة .
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يسكت بين التكبير وبين القراءة إسكاتة - قال أحسبه قال هنية - فقلت : بأبي وأمي يا رسول الله ، إسكاتك بين التكبير والقراءة ، ما تقول ؟ قال : أقول : اللهم باعد بيني وبين خطاياي ، كما باعدت بين المشرق والمغرب ، اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد .
قلت لعائشة رضي الله عنها : يا أمتاه ، هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه ؟ فقالت : لقد قف شعري مما قلت ، أين أنت من ثلاث ، من حدثكهن فقد كذب : من حدثك أن محمدا صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد كذب ، ثم قرأت : { لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير } . { وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب } . ومن حدثك أنه يعلم ما في غد فقد كذب ، ثم قرأت : { يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك } . الآية ، ولكنه رأى جبريل عليه السلام في صورته مرتين .
عن عبد الله قال : ( لعن الله الواشمات والمتوشمات ، والمتنمصات والمتفلجات للحسن ، المغيرات خلق الله ) . فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب ، فجاءت فقالت : إنه بلغني أنك لعنت كيت وكيت ، فقال : وما لي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن هو في كتاب الله ، فقالت : لقد قرأت ما بين اللوحين ، فما وجدت فيه ما تقول ، قال : لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه ، أما قرأت : { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } . قالت : بلى ، قال : فإنه قد نهى عنه ، قالت : فإني أرى أهلك يفعلونه ، قال : فاذهبي فانظري ، فذهبت فنظرت ، فلم تر من حاجتها شيئا ، فقال : لو كانت كذلك ما جامعتنا .
من حدثك أن محمدا صلى الله عليه وسلم كتم شيئا مما أنزل عليه فقد كذب ، والله يقول : { يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك } . الآية .
أتى رجل أعرابي من أهل البدو ، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة ، فقال : يا رسول الله ، هلكت الماشية ، هلك العيال ، هلك الناس . فرفع الرسول الله صلى الله عليه وسلم يديه يدعو ، ورفع الناس أيديهم معه يدعون . قال : فما خرجنا من المسجد حتى مطرنا ، فما زلنا نمطر حتى كانت الجمعة الأخرى ، فأتى الرجل إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، بشق المسافر ومنع الطريق .
أن الرسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بمال ، أو بسبي ، فقسمه ، فأعطى رجالا وترك رجالا ، فبلغه أن الذين ترك عتبوا ، فحمد الله ثم أثنى عليه ، ثم قال : أما بعد ، فوالله إني لأعطي الرجال وأدع الرجال ، والذي أدع أحب إلي من الذي أعطي ، ولكن أعطي أقواما لما أرى في قلوبهم من الجزع والهلع ، وأكل أقواما إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغنى والخير ، فيهم عمرو بن تغلب . فوالله ما أحب أن لي بكلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم حمر النعم .
قلنا لخباب : أكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر ؟ قال : نعم ، قلنا : بم كنتم تعرفون ذاك ؟ قال : بإضطراب لحيته .
لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ، ومسجد الأقصى .
أنه سمع عثمان بن عفان يقول ، عند قول الناس فيه حين بنى مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم : إنكم أكثرتم ، وإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : من بنى مسجدا - قال بكير : حسبت أنه قال - يبتغي به وجه الله ، بنى الله له مثله في الجنة .
مرض النبي صلى الله عليه وسلم فاشتد مرضه ، فقال : مروا أبا بكر فليصل بالناس . قالت عائشة : إنه رجل رقيق ، إذا قام مقامك لم يستطع أن يصلي بالناس . قال : مروا أبا بكر فليصل بالناس . فعادت فقال : مري أبا بكر فليصل بالناس ، فإنكن صواحب يوسف . فأتاه الرسول ، فصلى بالناس في حياة النبي صلى الله عليه وسلم
دخلت على عائشة فقلت : ألا تحدثيني عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : بلى ، ثقل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أصلى الناس . قلنا : لا ، هم ينتظرونك ، قال : ضعوا لي ماء في المخضب . قالت : ففعلنا ، فاغتسل ، فذهب لينوء فأغمي عليه ، ثم أفاق ، فقال صلى الله عليه وسلم : أصلى الناس . قلنا : لا ، هم ينتظرونك يا رسول الله ، قال : ضعوا لي ماء في المخضب . قالت : فقعد فاغتسل ، ثم ذهب لينوء فأغمي عليه ، ثم أفاق فقال : أصلى الناس . قلنا : لا ، هم ينتظرونك يا رسول الله ، قال : ضعوا لي ماء في المخضب . فقعد فاغتسل ، ثم ذهب لينوء فأغمي عليه ، ثم أفاق فقال : أصلى الناس . قلنا : لا ، هم ينتظرونك يا رسول الله ، والناس عكوف في المسجد ، ينتظرون النبي عليه السلام لصلاة العشاء الآخرة ، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر : بأن يصلي بالناس ، فأتاه الرسول فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تصلي بالناس ، فقال أبو بكر ، وكان رجلا رقيقا : يا عمر صل بالناس ، فقال له عمر : أنت أحق بذلك ، فصلى أبو بكر تلك الأيام ، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم وجد من نفسه خفة ، فخرج بين رجلين ، أحدهما العباس ، لصلاة الظهر ، وأبو بكر يصلي بالناس ، فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر ، فأومأ إليه النبي صلى الله عليه وسلم بأن لا يتأخر ، قال : أجلساني إلى جنبه . فأجلساه إلى جنب أبي بكر ، قال : فجعل أبو بكر يصلي وهو يأتم بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم ، والناس بصلاة أبي بكر ، والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد . قال عبيد الله : فدخلت على عبد الله بن عباس فقلت له : ألا أعرض عليك ما حدثتني عائشة ، عن مرض النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : هات ، فعرضت عليه حديثها ، فما أنكر شيئا ، غير أنه قال : أسمت لك الرجل الذي كان مع العباس ؟ قلت : لا ، قال : هو علي .
عن عائشة رضي الله عنها : { الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنو منهم واتقوا أجر عظيم } قالت لعروة : يا ابن أختي ، كان أبوك منهم : الزبير وأبو بكر ، لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أصاب يوم أحد ، وانصرف عنه المشركون ، خاف أن يرجعوا ، قال : ( من يذهب في إثرهم ) . فانتدب منهم سبعون رجلا ، قال : كان فيهم أبو بكر والزبير .
أن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم قالوا للزبير يوم اليرموك : ألا تشد فنشد معك ؟ فقال إني إن شددت كذبتم ، فقالوا : لا نفعل ، فحمل عليهم حتى شق صفوفهم ، فجاوزهم وما معه أحد ، ثم رجع مقبلا ، فأخذوا بلجامه ، فضربوه ضربتين على عاتقه ، بينهما ضربة ضربها يوم بدر . قال عروة : كنت أدخل أصابعي في تلك الضربات ألعب وأنا صغير . قال عروة : وكان معه عبد الله بن الزبير يومئذ ، وهو ابن عشر سنين ، فحمله على فرس ، ووكل به رجلا .
لم أتخلف عن الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها إلا في غزوة تبوك ، غير أني تخلفت عن غزوة بدر ، ولم يعاتب أحد تخلف عنها ، إنما خرج الرسول الله صلى الله عليه وسلم يريد عير قريش ، حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير معاد .